كيف نربي جيلاً متميزاً

عدنان بن عبد الله القطان

20 ذو الحجة 1442 هـ – 30 يوليو 2021 م

———————————————————-

الحمد لله أهل الثناء والحمد، نحمده ونشكره على نعمه، وذلك أحق ما قال العبد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من نعم الله تعالى على هذه الأمة، أنه سبحانه وتعالى ميّزها عن سائر الأمم، حتى أصبح التميز سمة من سماتها، وصفة بارزة من صفاتها، يقول تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ويقول سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) إنها أمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً، فتقيم بينهم العدل والقسط، وتضع الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها، وتقول: هذا حق وهذا باطل اعتماداً على كتاب ربها وهدي نبيها محمد صلى الله عليه وسلم...

أمة متميزة في شريعتها، فهي الشريعة الخالدة التي لا يمحوها الزمن، فهي صالحة لكل زمان ومكان، لا يحدها جنس، فهي للناس كافة…أمة متميزة في عبادتها وما أكثر ما كان يقول قائدها ونبيها صلى الله عليه وسلم خالفوا المشركين. خالفوا أهل الملل الأخرى لتتميز الأمة عن كل من سواها.. أمة متميزة في مناسباتها وأعيادها… أمة متميزة في نظرتها للكون والإنسان والدنيا والآخرة.. فإذا كان التميز هو السمة الغالبة في هذه الأمة فإنه يجب عليها أيضاً أن تتميز بتربية أبنائها وشبابها، وإعدادهم للحياة، فأولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا، وفلذات أكبادنا، وزينة حياتنا، يقول تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) وهم قرة الأعين، وبهجة الحياة، وأنس العيش، بهم يحلو العمر، وعليهم تعلق الآمال، وببركة تربيتهم يستجلب الرزق، وتنزل الرحمة، ويضاعف الأجر، صح عنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) والأولاد والشباب هم عماد الأمة، وعزها المجيد، ومجدها التليد، وهم قوة الأمم والشعوب، وحصنها الحصين، ودرعها المتين، وهم سبب التقدم وأساسه وهم حماة الأوطان، المدافعين عن الأعراض، المقاتلين لأعدائهم، المتبعين لسنة نبيهم، المتمسكين بدينهم، فلا بد أن يكونوا متميزين وأن تكون تربيتهم متميزة... فهذا زكريا عليه السلام يشرف على الكبر والهرم، ويدركه الشيب، ويضمحل جسمه، فيلتفت إلى القبلة، ويرفع أكف الضراعة إلى الحي القيوم، يطلب من الله أن يرزقه الذرية المتميزة، والولد الصالح المتميز، الذي يكون له الأثر الواضح في بناء الحياة الدنيا وعمارة الآخرة، ولم يطلب أي ذرية أو ولد لمجرد متعة الحياة وزينتها، قال تعالى على لسانه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّاً وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّاً) يقول: يا رب! أسألك ابناً صالحاً يرثني في الخير، يدعو لي وأنا في القبر، يحمل لواء الدعوة، وميراث النبوة، والعلم والخلق القويم... وإبراهيم عليه السلام يدعو ربه فيقول: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) بل يتوجه مع ابنه إسماعيل عليهما السلام إلى الله يطلبان منه سبحانه الذرية المتميزة بالولاء الخالص له المقيمة لحدوده، المتبعة لرسله، قال تعالى: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) وهكذا هم الصالحون في كل زمان ومكان، حتى وإن كانت رغبتهم وحبهم للأولاد في نفوسهم كبيرة، إلا أنهم لا يرضون بغير التميز في هذه الذرية بديلاً، قال تبارك وتعالى على لسانهم (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوجِنَا وَذُرّيَّـاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)

أيها الأخوة والأخوات في الله: إنه يجب علينا أن نخرج من هذه الغثائية في تربيتنا لأولادنا وبناتنا فترى الواحد منا إلا من رحم الله، عنده خمسة إلى ستة من الأولاد والبنات وبعضهم أكثر وبعضهم أقل ومع ذلك يشكو منهم، ومن سوء أخلاقهم ومن تفلتهم وعصيانهم، إلا من حفظه الله، لا يحمل كثير منهم مشروعاً ينفعهم في حياتهم ولا في آخرتهم، يعيشون على هامش الحياة، وما أكثرهم في هذه الأمة اليوم، وهذا ما حذرنا منه صلى الله عليه وسلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ)

يا الله كم أهينت هذه الأمة في كرامتها!  وكم استُبيحت أراضيها ومقدساتها وأعراضها بسبب الضعف الواضح في تربية أبنائها وشبابها، ذلك أن العناية بالنشء مسلك الأخيار، وطريق الأبرار، ومصدر كل عزة وطريق كل تقدم وتطور وازدهار، ولا تفسد الأمم إلا حين يفسد أجيالها الناشئة، ولا ينال منها الأعداء إلا حين ينالون من شبابها وصغارها… عباد الله: إن تربية الأبناء والقيام على توجيههم ورعايتهم، أمانة عظمى، ومسئولية كبرى سنسأل عنها بين يدي الله عز وجل، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون)

ويقول صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته). إن التربية لا تعني كما يظن كثير من الآباء والأمهات توفير الطعام والشراب والملبس والحاجات الضرورية لأولادنا وحسب، فهذه رعاية وليست تربية، قد تقوم بها مؤسسة أو جمعية خيرية أو مركز اجتماعي خيري… ولا تعني التربية العنف والسب والشتم واللعن والحرمان والتكبيل بالسلاسل والضرب بالحديد والسجن في الغرف المظلمة، فيخرج لنا جيل تسيل دماؤه، وتنتفخ أوداجه، يخاف من خياله، ويهرب من ظله، ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، فيكن العداء لأمته، والبغضاء والكراهية لنفسه ولمجتمعه ووطنه، فيعيش محبطًاً فلا يعرف معروفًاً ولا ينكر منكراً.

أيها المؤمنون: إن التربية تعني تزكية النفوس وتهذيبها وتعليمها القيم والأخلاق وإكسابها المهارات وإعدادها للحياة وتوجيهها نحو الآخرة… فإذا أردنا أن نجعل من أبنائنا وبناتنا متميزين مبدعين فيكونوا خير أبناء نافعين لدينهم ولأمتهم ومجتمعاتهم ولأوطانهم، ويكونوا قرة عين لوالديهم في الدنيا وسبباً لسعادتهم في الآخرة، فعلينا أن نهتم بتربيتهم ورعايتهم، والعناية بهم من عدة جوانب: فالجانب الأول هو جانب الإيمان وتعميق العقيدة في النفوس، فينشأ جيلٌ متسلح بالإيمان، معتزٌ بدينه، مخلصٌ لربه، يدرك حقيقة وجوده ونهاية حياته، لا يخاف إلا ممن خلقه، ولا يعتريه اليأس ولا القنوط، ولا يصيبه الضنك ولا الشقاء، هذا لقمان عليه السلام يربي ابنه على هذه القيم الخالدة قال تعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ )

وعلم صلى الله عليه وسلم أبن عمه عبد الله ابن عباس وهو غلام هذه العقيدة التي تتميز بها هذه الأمة قائلاً له (يا غُلامُ، إنِّي أُعلمُك كلمات: أحفظِ الله يحفظكَ، أحفظِ الله تجدهُ تُجاهكَ، إذا سألتَ فاسأَلِ الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمَعت على أن ينفَعُوكَ بشيء لم ينفعوكَ بشيء إلاَّ قد كتَبَهُ الله لكَ، وإن اجتمعُوا على أن يضُرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلاَّ بشيء قد كتَبهُ الله عليك، رُفعتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحُفُ)

 روي أن أحد الصحابة دخل مسجد رسول الله صلى عليه وسلم في غير وقت الصلاة فوجد غلاماً لم يبلغ العاشرة من عمره، قائماً يصلى بخشوع، فانتظر حتى انتهى من صلاته فجاء إليه وسلم عليه وقال له: يا بني: ابن من أنت؟ فطأطأ الغلام رأسه وانحدرت دمعة على خده ثم رفع رأسه وقال: يا عم إني يتيم الأب والأم، فرق له الصحابي وقال له: يا بني أترضى أن تكون ابناً لي؟ فقال الغلام: هل إذا جعت تطعمني؟ قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا عريت تكسوني؟ قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا مرضت تشفيني؟ قال الصحابي ليس إلى ذلك سبيل يا بني إنه لله.. قال الغلام: هل إذا مت تحيني؟ قال الصحابي: ليس إلى ذلك سبيل، إنه لله. قال الغلام: فدعني يا عم للذي (خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ،  وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) فسكت الصحابي ومضى لحاله وهو يقول آمنت بالله، من توكل على الله كفاه وآواه.

وقال العارف بالله سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوماً ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت كيف أذكره؟ فقال لي: قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظرٌ إليَّ، الله شاهد عليَّ، قال، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال قل كل ليلة سبع مرات، فقلت ثم أعلمته، فقال قل كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته، فوقعت حلاوته في قلبي، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي أحفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك، ثم قال لي خالي يوماً يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهدُه أيعصيه؟ إيَّاك والمعصية.

هذا هو التميز الذي يجعل من أبنائنا عظماء لا ترهبهم قوة عدو، ولا مكر ماكر، ولا تقلب دهر، ولا شدة حياة، ولا تلوث حياتهم معصية، ولا تستعبدهم دنيا ولا يفتنهم مال.. وعلينا أن نجعل من أبنائنا متميزين في عباداتهم فيدركوا أنهم ما خلقوا إلا للعبادة وأن الحياة لا تستقيم إلا بطاعة الله، يقول لقمان عليه السلام لابنه، (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أولادَكُم بالصلاةِ وهُم أبناءُ سبعِ سنينَ، واضرِبُوهُم عليهَا وهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ، وفرِّقُوا بينِهِم في المَضَاجِعِ) فالمحافظة على العبادات تصقل شخصية المسلم، وتهذّب سلوكه، وتنظم حياته، وتقربه من ربه، ويكتب له القبول في الأرض، ولما تركت العبادات، وضيعت الطاعات، جفت الأرواح، وقست القلوب، وتحجرت العيون، وضاقت الصدور، وضاعت البركة، وقلت الأرزاق، قال تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)

اللهم بارك لنا في أبنائنا وبناتنا، ووفقهم وارزقنا برهم، واشملهم   برعايتك وعنايتك وجد عليهم بالهداية والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا أيها المسلمون: كما يجب علينا أن نربّي أبنائنا على التميز في جانب الخلق والسلوك، فلقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، قال : (إنّما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق). وقال صلى اللّه عليه وسلم موصياً أحد أصحابه: (اتَّقِ اللهَ حيثما كُنْتَ، وأتبِعِ السيِّئةَ الحَسَنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسَنٍ) فالخلق الحسن شامة في جبين صاحبه، وبه ينال المرء ثناء الناس، ورضا الله، والسلامة يوم العرض والوقوف بين يدي الله والفوز بالجنة.. وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة فقال: (تقوى الله وحُسن الخُلُق). وعلينا عباد الله أن نتميز في تعليم أبنائنا التعليم الصحيح ونحرص على متابعتهم، واختيار التخصصات المناسبة والنافعة لهم في دينهم ودنياهم، وعلينا أن نكسبهم المهارات السلوكية والعملية المختلفة كحفظ كتاب الله، وتعلم اللغة والحاسب الآلي والقدرة على التحدث بطلاقة، والبيع والشراء، وحسن استقبال الضيف، ومساعدة الفقير والمحتاج، واحترام الكبير والعطف على الصغير، وحسن التعامل مع الآخرين وتقديم النفع لهم، وعلينا أن نتميز في اختيار الرفقة الصالحة لهم (فالمرءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) إن التربية وإعداد النشء، مسئولية الجميع ابتداءً بالوالدين، وإن خير ما تقوم به أي دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية الأبناء.. ولن تترعرع الطفولة، أو يتربى الشباب، إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والمعايير الأصيلة والتقاليد المرعية والحقوق المكفولة.

أيها الأخوة والأخوات في الله: وإن مما نعايش في هذه الأيام، الإجازة الصيفية، وفراغ الآلاف من الطلاب والطالبات، مما يسبب الكثير من المشاكل والانحرافات التي يعاني منها الآباء والأمهات والمجتمع، فعلينا أن نشغل أوقات فراغ الأبناء والبنات بما ينفعهم في دينهم ودنياهم… وإن مما يشكر ويذكر، ما تقوم به بعض الجهات مشكورةً كوزارة شؤون الشباب والرياضة، ووزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، ومراكز تحفيظ القرآن، ووزارة التربية والتعليم، والمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، والجمعيات الإسلامية والأهلية، وقيامها بتنظيم الكثير من المناشط الصيفية المتنوعة، والبرامج الهادفة، وهناك بعض الدورات والبرامج، التي تصقل مواهب الطلبة وإبداعاتهم. فعلينا أن نستفيد من هذه المناشط وأن نحث الأبناء على الالتحاق بها، وعلينا أن نكافئهم على ذلك، ونحببهم فيه، فذلك خير لهم من صحبة سوء؛ تستحوذ على الأبناء وتضلهم كما أن علينا يا عباد الله دعمَ هذه المناشط، ومؤازرتها، وتشجيعَها بكل ما نستطيع لتقوم بواجبها، وتؤديَ رسالتها، بارك الله في جهود الجميع، وأن ينفع بهم البلاد والعباد.

اللهم بارك لنا في أولادنا وبناتنا وأهدهم ووفقهم لطاعتك وارزقنا برهم يارب العالمين.

اللهم اغفر ذنوبهم وطهر قلوبهم اللهم حصن فروجهم، وحسن أخلاقهم، وأملأ قلوبهم نوراً وحكمة، وأهلهم لقبول كل نعمة، وأصلحهم وأصلح بهم البلاد والعباد يا سميع الدعاء.

 اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم أحفظ بلادنا البحرين وخليجنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.

اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أصلح بطانتهم ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.

اللهم اكشف عنا الوباء، اللهم أنت الشافي، والكافي، والمعافي، اشف مرضانا، ومرضى المسلمين والعالمين، من (كورونا) وغيرها من الأوبئة والأسقام، يا ذا الجلال والإكرام… اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس وأهل فلسطين والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، والمصلين فيه واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم موتانا، برحمتك يا أرحم الراحمين. الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

 (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ  وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

         خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين